بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من منا لا يتذمر إذا حدث شيء لا يعجبه؟! ، من منا لا يحزن ويوقف حياته على شيء مضى وانتهى؟! ، هل تتذكرون معي أركان الإيمان؟ ، ما هو الركن السادس والأخير؟! ، إنه الإيمان بالقدر خيره وشره !! ، كم شخص منا إذا أصابه مكروه قال لا حول ولا قوة إلا بالله أو يقول قدر الله وما شاء فعل أو يستغفر ربه قبل أن يتذمر ويحزن ويغضب؟! .
في هذا الموضوع الكبير والواسع وهو الرضا بالقضاء والقدر سأذكر فقط مثال وطريقة بإذن الله تكون سهلة وميسرة للشعور بالرضا على ما حلّ من قضاء الله وقدره.
هذا المثال ذكره أحد الدعاة إلى الله في إحدى الدروس ، تخيلوا معي .. أن أحدا منا ذهب مع ابنه إلى السوق المركزي (الجمعية) وكان ابنه مريضا ، وترك ابنه يأخذ ما يشاء من جميع ما يشتهي من الحلويات ، ولكن حينما وصل معه إلى جهة المثلجات ، وهمّ الابن بأن يأخذ من المثلجات منعه الأب أو الأم من أخذ أي من المثلجات رغم إصرار الابن ورغم بكاءه ورغبته الشديدة بأن يأخذ المثلج إلا أن موقف الأب والأم كان حازما وغير قابل للتغيير ، ترى لماذا كان هذا المنع؟! ، هل كرها للابن؟ مستحيل ..!! ، إذا هل انتقاما منه؟! من الصعب الأخذ بذلك لأنه تركه يأخذ من الحلويات ما يشاء ، إذا الجواب الوحيد أن الأب أو الأم يحبون ابنهم ويريدون له الخير ويخافون على صحته من التدهور ، وأيضا لأن هذا طفل وجاهل لمصلحته والأب والأم أعلم منه ولديهم خبرة أكثر.
ماذا نستفيد من هذا المثال؟ ، هل لكم أن تتصوروا حالنا هذا مع الله سبحانه وتعالى؟ ، أليس الله بأعلم منا في كل شيء ونحن جهلة بالنسبة لعلم الله ، والله تعالى أرحم بنا من أنفسنا.
لنعود إلى التصور والتخيل ، تخيلوا معي هذا الموقف .. أن شخصا كان يريد وظيفة محددة ومعينة لا يريد غيرها ، بذل كل الأسباب في سبيل تحقيق ذلك المراد ، دخل الكلية المطلوبة لهذا التخصص ، وتخرج بنسبة عالية جدا تعطيه الأولوية لهذه الوظيفة وأيضا أتى معه بمن يتوسط له ، ومن ثم بعد كل هذا لم يستطع أن يحصل على هذه الوظيفة ، ما الحل يا ترى في حل مشكلته النفسية التي ستترتب على عدم حصوله على هذه الوظيفة؟! ، إنه بلا شك الرضا بالقضاء والقدر والإيمان بأسماء الله الحسنى ، فليتوقف ويفكر في أسماء الله وصفاته ، هناك اسم العليم مما يعني أن الله أعلم منه بالفائدة من هذه الوظيفة ، وهو أيضا الحكيم فله حكمة في كل ما يحدث ، وهو أيضا رحيم ولطيف بعباده ، فقد يكون هذا المنع رحمة للإنسان ، لأنه ربما لو حصل على هذه الوظيفة سوف يتكبر والله تعالى لا يريده أن يتكبر فيمنعه منها ، أو أنه إذا حصل على هذه الوظيفة سيوف يرتشي والله يلعن المرتشي ، أو أن يصرف أمواله بالحرام فالله تعالى أراد أن يجنبه كل تلك المعاصي ، أو أن يكون هذا المنع من الله بسبب معصية أو ذنب يداوم على فعلها والله تعالى أراد تذكيره بذنبه ليتوب منه فيعطيه الله.
الفائدة من هذا الموضوع : أنه إذا أردت أن تشعر بالرضا وراحة البال دائما عليك التفكر بثلاث أسماء من أسماء الله الحسنى ، العليم مما يعني أنه أعلم منك بفائدة الشيء ، الحكيم مما يعني أن له حكمة من جميع الأشياء ، الرحيم مما يعني أنه أرحم بك من نفسك.
في الختام أسأل الله أن يجعلنا من الراضين بالقضاء والقدر وأن لا يجعلنا من المتسخطين والمتذمرين ، وأن يجعلنا ممن يكثرون من قول قدر الله وما شاء فعل ولا حول ولا قوة إلا بالله والخيرة فيما اختاره الله.. اللهم آمين.
أستودعكم الله
أخوكم: K.a.R